||
ضيف الله نافع الحربي
للمشاعر أوتار رقيقة يسهل التأثير عليها واستفزازها ، وليس هذا هو المهم ، فالمشاعر تستجيب للمؤثرات العاطفية والإنسانية بطبيعتها ، لكن المهم هو المؤثر الذي يستنطق المشاعر و يقدّم صوتها بلغة مسموعة ، بعد أن يصل إلى أعماقها البعيدة ويغترف من معين تلك الأعماق لذة الشعور الذي لا يُنطق رغم الإحساس به لعجز الأدوات الممكنة وحروف اللغات على تعددها وتباين أبجديتها ، ولأن الموسيقى لغة قديمة ومؤثر قادر على تحريك الشعور واستنطاق المشاعر ،نجد أن شطر من الإلهام تُغذيه ذائقة المستمتع الذي يستمتع بالكلمة العميقة أو اللحن المُبهر أو الأداء المُفعم بالإحساس ورقة التعبير .
ليست مجرد أغنية تلك التي نستمع إليها ونرحل معها بعيدًا ، نتصاعد مع تضاريسها بين لحظة الشعور و محطات الذاكرة وأفق الأيام الآتية ، ليست مجرد أغنية تلك التي تدعونا للتوقف عند أول نبرة من نبرات تركيبتها المتكاملة فيتسلقنا بلطف شعور لم نعهده ونحن نرسم الحكاية التي نُريدها بصمت و ننسج التفاصيل وكأننا نكتب للعالم قصة فريدة من نوعها ، ليست مجرد أُغنية تلك التي تقودنا للعودة لفطرتنا العاطفية اللينة وتُعيدنا برفق لنعتلي بساط الريح الذي يجعل منّا أشخاص حالمين ولو بالشعور فقط .
وتبقى الموسيقى لغة من لُغات الإنسانية ، قد يستعذبها من يستعذبها ويجد فيها بعد آخر يرى أنه يحقق له الشعور الأجمل ويفتح له أفق التأمل والإلهام ، وقد يعزف عنها من يرى أنها ليست اللغة القادرة على تحريك مشاعره وتمنح وجدانه الرضا عند الاستماع لها وهذا حقه ولا يُنكر عليه فُربما لديه لغة إنسانية أُخرى أكثر قدرة على استنطاق مشاعره ، ولكل فئة حقها فيما تُحب وتكره .
همسة ؛
بعض الأغاني ليست مجرد أغنية .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020