||
ضيف الله نافع الحربي
وسط سيل المحتوى المتدفق بمواقع التواصل الاجتماعي تقف حائرًا ، لا تعرف أتشعر بالسعادة أمام هذا التدفق المتنوع الذي يوجز لك طريقة تفكير أصحابه ومستوى النضج والوعي لديهم، أم ينتابك الذهول من حجم ما يُنتج على مدار الساعة من محتوى سواءً كان إبداعي في فكرته أو طريقته أو هابط سيئ حد استفزاز القيم .
قبل أيام وأنا أتصفح أحد المواقع التواصلية التي تقدم المحتوى المرئي تابعت مقطع لأحد رواد ذلك الموقع ، وقد ضمّن المقطع كتابة تاريخ لأحد الأعوام الماضية ( قبل ٢٠ سنة ) وكتب ليتني أرجع لهذا التاريخ وأبدأ من جديد ! استوقفني المكتوب البسيط ، وأخذني بعيدًا إلى أعماق ما وراء بساطته ، تجاوزته إلى الردود التي وصلت الآلاف على هذا المقطع ، قرأت جزء كبير منها ، و كأنه منحهم رئة ثالثة يتنفسون خلالها حُلم يشعرون به في داخلهم لكنهم لا يعرفون ماهيته ، ما بين رغبة العودة التصحيحية للوراء ، أو نزعة الحنين لأيام كانت تعني لبعضهم منعطفات حياة ، لكن السواد الأعظم منهم كان يتحدث بنبرة الندم والرغبة في صناعة بداية جديدة تجب ما قبلها من بدايات خاطئة ، بعد ما استفز حُلم بسيط جريء متمرد ذاكراة الآلاف وأنا أحدهم .
كم من بدايات في الحياة كانت خاطئة ، وكم نتج عنها من نهايات كان بالإمكان أن تكون أجمل مما انتهت إليه ، ولو امتلك الإنسان قوة مُذهلة تُعيده إلى تلك المراحل السحيقة من حياته وبيده قدرة التغيير لفعل ذلك وبدأ من جديذ بطريقة صحيحة دون أخطاء في الاختيار والقرار والشعور ، ولكن هذا ضرب من ضروب المستحيل ، وحُلم من أحلام ظهيرة الذين أنهكتهم الطرقات الوعرة بعدما أضاعوا الاتجاه و كابروا حين أُشير إليهم بإعادة النظر لكنهم غرسوا الأحلام في أرض الرغبات الوقتية التي لم تلبث طويلًا حتى تقلصت ، ثم بدأ المشوار الطويل الذي أجهز على بقية الدافعية والاستمرار في ظل خطأ أُرتكب ذات يوم ، لذا يا من استفزيت ذاكرتي بحلمك البسيط لن يعود بك التاريخ ، ولن تعود البدايات القديمة التي حُفظت في سجلات العُمر ، لكن تستطيع أن تعيد تغيير اتجاه الحُلم إلى الأمام وتعيد صياغته ليُصبح (( ما الذي سأفعله إن سنحت لي فرصة قادمة ثمينة لأبدأ من جديد )) .
همسة :
حديث الذاكرة عاطفي أكثر منه منطقي .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020