||
ضيف الله نافع الحربي
منذ الولادة وحتى الممات و مواقعنا في الحياة متغيرة ، ، أما الثابت المؤكد خلال هذه الرحلة هو ” نحن ” ، وإن تبدلت أماكن تواجدنا ، ارتفاعًا عن كل ما يُدنسنا أو انخفاضا وانحدارًا نحو الهاوية ، بالقرب من الصواب أو البعد عن الخطأ ، أو العكس ، مواقع متعددة ومتباينة قد نمر عليها ونخرج منها بسلام ونترك من خلفنا أثر يبقى ابدا ، ليُشير إلينا كل ما مر عابر على ذاك الأثر ، وكأن نسخة أُخرى تنسلخ منّا لتبقى هناك حين نغادر قسرًا ، إذاً نحن الأثر من بعدنا لا الحضور المؤقت الذي نُسخّر من أجله ما نستطيع لنظهر ببريق يُشبع أنانية اللحظة .
وقد قيل في أهمية صناعة و ترك الأثر ما قيل ، ما يؤكد على قيمته العالية لاسيما أن الإنسان بما صنع من الأثر لأنه إرث يمتد ، وقد وصل إلينا من أثر من سبقونا كنوز لا تفنى ، وإن كان ذاك الاثر قد وصل أبكمًا مكتوبًا فوق السطور ، لقلة أدوات نقله وقت ذاك من جهة ولنقص أوعية حفظه من جهة أخرى ، أما اليوم فلا شيء يفنى ، والأثر بكل تفاصيله يبقى دون فلترة أو تصفية ، وقد يمتد إلى قيام الساعة بالأسم والشرح والصورة ، وقد يرى حفيدك العاشر أدق تفاصيل حياتك وأنت في سن المراهقة ، سيشاهد تدرج فكرك وطرحك ، سيسمع ويرى ما قلت وما قيل لك وعنك ، سيبحث عن كل ما قد يشفع لك ليتحدث عنك بفخر ، ويذكرك بامتنان ، سيُسشير إلى الأثر الذي تركته قبل رحيلك الأبدي ،
جميعنا اليوم يمتلك حسابات شخصية في كافة مواقع التواصل ( إكس – سناب – يوتيوب .. الخ ) إلا قليل من الذين لم يندمجوا مع العصر الحديث ، وجميعنا يصنع محتواه بنفسه ، وقد يصعب حذفه ، و هنا تبرز أهمية وقار وهيبة الأثر .
نعم وقار وهيبة الأثر هو ما نحتاجه اليوم على المدى القصير الذي يحترم ويُقدّر ذائقة المتلقي وفكره ، وعلى المدى الطويل الذي يضمن لك أثر يبقى شاهدًا لك بالخير والنضج و سلامة النهج والفكر ، فالحياة وإن طالت قصيرة لكنها تتسع لكل ما نُخلفه من بعدنا خيرًا كان أو شرا .
همسة :
اظهر بما يليق بك .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020