||
ضيف الله نافع الحربي
إلى ماقبل يوم الثلاثاء السعيد كانت الذاكرة الرياضية السعودية تسترجع أمجاد أبطال التسعينات الميلادية بقيادة صاحب الهدف الذهبي في كأس العالم سعيد العويران ورفاقه من النجوم الذين قادوا منتخب بلادنا للمرة الأولى في كأس العالم وعبروا به إلى دور ( 16) في الوقت الذي لم تكُن تطمح فيه الجماهير الرياضية لأكثر من تشريف يليق بمستوى الدعم الحكومي للكرة آنذاك ، فكُنا حديث الأوساط الرياضية في ذلك الوقت ، ارتفعت الآمال وتصاعدت الأحلام حتى كأس العالم ( 98) والذي جاء مُخيبًا للجماهير السعودية المُتغنية بالمشاركة السابقة له ، وهكذا استمرت المشاركات الباردة غير المواكبة لتطلعات الجماهير أو الدعم الكبير للرياضة ، حتى أصاب الجميع التبلد ودب اليأس في النفوس ، وحين تتبع الأسباب التي أدت لتدهور مشاركات المنتخب في المحفل العالمي الأهم لا تجد سوى غياب الشغف لدى الكثير من لاعبي المنتخب في بعض المشاركات ، ولكن يبدو أن التاريخ سيُعيد نفسه بصورة أفضل إن لم يكُن قد حدث ذلك بالفعل ، فمونديال قطر شهد ولادة صقور الرؤية مع أول مشاركة عالمية له يوم أمس الأول حين شمّرت صقور الجزيرة عن مخالبها ، أمام الخصم الأقوى عالميًا والأكثر ترشيحًا لنيل كأس العالم .
و اعتقد أن المشاركة السعودية هذا العام في مونديال كأس العالم مختلفة كليًا عن سابق المشاركات ،فإعداد المنتخب لم يصحبه الكثير من الكلام ، ولم تُسلط كاميرات الإعلام على ما كان يحدث داخل المعسكرات الداخلية والخارجية للمنتخب ، ما جعل اللاعبين بعيدين عن الضغوطات وخطط المدرب وتكتيكاته الفنية في أمان ، إضافة للثقافة القيادية لإدارة الرياضة السعودية بدءًا بوزير الرياضة وانتهاء بالطواقم الإدارية والفنية للمنتخب ، ومن وراء ذلك الرعاية والمتابعة المباشرة من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده حفظه الله و الذي قدّم درسًا نموذجيًا عند استقباله للاعبي المنتخب قبل مغادرتهم للمونديال اختصر من خلاله التوجيهات بكلمة ( استمتعوا ) رافعًا عنهم الضغوطات مانحًا لهم الفرصة للإبداع من خلال التهيئة النفسية التي كان لها دورًا كبيرًا في المستوى المُذهل الذي ظهر به منتخبنا أمام الأرجنتين .
ونحن اليوم نعيش نشوة التفوق السعودي في مباراته الأولى هل ماقدمه المنتخب فيتلك المباراة كافيًا للحكم بتفوقه ؟ بالتأكيد لا ،لأن المبارتين القادمتين أمام بولندا والمكسيك هي المحك الحقيقي الذي يُصادق على المباراة الأولى أو العكس ، وإن كانت جميع المؤشرات ذات دلالة أننا أمام ثقافة رياضية جديدة يتمتع بها جيل الرؤية من لاعبي المنتخب محورها الرئيس استشعار اللاعب المسئولية ، ولعلنا بدأنا السنوات الرياضية الخُضر بعد السنين العجاف ، وعسى أن لا تكون مباراة الأرجنتين فرحة يتيمة ويستمر أداء منتخبنا في تصاعد ويصنع ما عجز عنه أسلافه .
همسة :
منتخبنا قادم .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020