||

“الدور التبادلي للفن مع الحياة”

4 أكتوبر، 2021

حنان حجار

‏tamrhena222t@

 

هل أفشي سرًا عندما أقول إننا جميعًا قد نرى الجمال في البحر والسماء والغيم والشجر ، وكل ماحولنا من مخلوقات حتى تلك المخلوقات المتناهية الصغر كالنمل والفراش بألوانها التي تجذب أبصارنا , وحتى الجبال بصخورها المتحجرة وتعرجات الألوان فيها .

ومن هنا نجد أن الإحساس بالجمال يفرض نفسه في دواخلنا ، بل و يتسرب كما تتسرب أسراب القطا عندما تهاجر بحثًا عن الماء، فهل نعتقد أن إحساسنا بالجمال متعة تمتد طول الحياة وماهي علاقة الفن التشكيلي بهذه المتعة ؟

لنتساءل عن علاقة هذا الإحساس بالفنون التشكيلية وأثرها في تعميق هذه النظرة ,وهل يمتلك الجميع القدرة على تذوّق الجمال والإحساس به أثناء مشاهدة لوحة تشكيلية ؟ وهل يحتاج الإحساس بالجمال والتعرّف عليه إلى ملكات رفيعة وقدرات خاصة، وخبرة ومستوى معرفي معيّن ؟!
وماهي العلاقات التي يمكن أن نراها في لوحة تشكيلية لنتمكن من الإحساس بجمالها ؟!
الإجابة عن هذه التساؤلات تكمن في كون الفن التشكيلي يرفع مستوى الإحساس بالجمال وبالتالي , يهذب الحياة وينظمها لنخرج بحكمة حول الجماليات فيها , ونحن بصفتنا مخلوقات ناطقة .
لنجد أن الكلمات يمكن أن تترجم الإحساس بالمعاني وتظل المفردات اللغوية تتصدر قائمة المفاهيم – ويعمل الفن مؤكدا أن التعبير عن المخلوقات من حولنا ليس مجرّد أشياء منظورة ، إنما هناك أشياء في الماوراء ؛ الأمر الذي يدفعنا إلى استعمال اللغة على نحو خاصّ ، واستخدام الصور الرمزية لتقول ما تعجز عنه اللغة المباشرة ,

ويأتي دور اللوحة التشكيلية لتغوص في العمق أكثر وتثير زوبعة من التساؤلات المباشرة , واللا مباشرةفي نفس المتلقي والتي قد توحي لكل فرد بإحساس منفرد أشبه مايكون بمقطوعة موسيقية يعيشها الفرد في ذاته بحيث تشكل لكل متذوق للجمال مفهوما مختلفا بإحساس خاص يعيش فيه لينقله من مساحاته الداخلية , ومعاناته إلى مساحات مفتوحة تتدرج به في انتقالات متباينة , تعمل أحيانًا كتفريغ لشحنات متراكمة تنقله من واقعه إلى عالم من الخيال …
يقول خورخي لويس بورخيس:”إننا بحاجة إلى الخيال كي نواجه تلك الفظاعات التي تفرضها علينا الأشياء.”
وأحيانًا أخرى , يمكن أن نعتبر أن الجمال الذي يحققه الفن ما هو إلا محاولات إنسانية يقوم بها الفنان لكشف قوانين الجمال من توافق وإيقاع ونسب ووحدة وغيرها …يقول «مالرو» (1901):- إن الفن وحده هو الذي استطاع أن يمنح البشر إحساسًا حقيقيًا بتلك العظمة التي طالما جهلوها عن أنفسه.
فهو مظهر لسيادة الإِنسان في كل زمان ومكان.. فالفن ينقلنا من عالم القضاء والقدر إلى عالم الوعي والحرية. وهذا يعني : أن انتصار الإِنسان على الكون إنما يتحقق بالإِبداع الفني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

رأي المصداقية

1 يناير، 2021
رآي المصداقية

  كان حلما يراودنا منذ...

كتّاب المصداقية

18 أبريل، 2024
على أجنحة الشغف

ضيف الله نافع الحربي  في...

11 أبريل، 2024
العيد والذكاء الإجتماعي

  ضيف الله نافع الحربي ...

4 أبريل، 2024
دائرة الخطر الفكري

ضيف الله نافع الحربي  الوقوع...

28 مارس، 2024
هيبة ووقار الأثر

ضيف الله نافع الحربي  منذ...