||
الكاتبة : سامية المغامسي
كنت أدندن وأنا صغيرة أنشودة ( أختي الكبيرة .. أحبها ..لما تغيب اشتقلها .. حب وحنان بقربها .. زي ماما بعطفها)
لم أكن أعي تلك الكلمات وأنا أنشدها وأتراقص على نغماتها ..
وعيت هذه الكلمات فعلاً حين عصفت بنا الحياة لتعلن انطفاء سعادتها بموت أمنا..
حين حلّت هذه المصيبة بعائلتي لم تتصدى لها إلا أختي الكبيرة والتي كانت أشدنا ألماً وحزناً لفقد أمنا التي كانت لها بمثابة الأم والأخت والصديقة أيضاً..
كنّا نلتف حولها صغاراً ليس لنا سواها ، وكان الجميع يصبّرها ويذكرّها بالمسؤولية التي تركتها لها أمنا…
صمدت أختي أمام رياح الحزن التي حلّت بنا ووقفت كالنسر تفرد جناحيها لنستظل بهما، وفتحت لنا بيتها وكانت هي وزوجها بمثابة الوالدين لنا..أختي التي أحكي لكم عنها الآن لم تكن بالسن الذي يجعلها تتحمل كل هذا الألم والعبء والمسؤوليةوكتمان الحزن لإجل إخوتها.. كانت في منتصف العشرينات من عمرها ولكن حس المسؤولية زاد عمرها عمراً ، وضاعف حنانها حناناً ، لن ننسى لها هذا الفضل أنا وإخوتي ماحيينا، حاولت قدر الإمكان أن تغطي ذلك الفراغ الذي تركه فقدان أمي وحافظت على صرح عائلتنا وسقته بحبها وحنانها واهتمامها وحرصت فيه على ترابطنا أشد الحرص ( وهنا برأيي يكمن دور الأخت الكبيرة) سقتنا الصبر والتحمل بدلاً من الدلال الزائد الذي لا يُسمن ولا يغني من جوع ، علمتنا مبادئ الدين وغرست فينا حب العلم والتفوق هي وزوجها رحمه الله..
بالفعل الأخت الكبيرة هي غصن متدلي من تربة الأم الندية..
رجاءاً .. حافظوا على إخوتكم فوالله حين الشدائد لن تجدوا غيرهم يلتفون حولكم ولو بلغت بكم الخلافات أكبر مبلغ..تسامحوا معهم إن كانت بينكم قطيعة قبل أن يفوت الأوان .. وتأسّوا في ذلك بقوله تعالى ( سنشُّدُ عضُدك بأخيك) سورة القصص..
فما جعل الله السند والقوة وعز الجانب اللي بالأخ وليس بالصديق أو القريب..
همسة خاصة لأختي الكبيرة…
إن كنت وأنا طفلة أدندن تلك الأنشودة بكل براءة دون أن أفهم معناها .. فأنا اليوم أغنيها لكي وأنا امرأة راشدة تخطت الأربعين من عمرها وتعي تماما وتشعر بكل كلمة من كلماتها..
( أختي الكبيرة ..أحبها ..لما تغيب .. اشتقلها.. حب وحنان في قربها.. زي أمي في عطفها)
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020